كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



16- وقوله جل وعز {فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} آية 14 قال قتادة كانت الجن تخبر الإنس أنهم يعلمون الغيب فلما مات سليمان صلى الله عليه وسلم ولم تعلم به الجن تبينت الجن للإنس أنهم لا يعلمون الغيب وهذا أحسن ما قيل في الآية.
والمعنى تبين أمر الجن ويدل على صحته الحديث المرفوع روى إبراهيم بن طهمان عن عطاء عن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان سليمان نبي الله إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيسألها ما اسمك فإن كانت لغرس غرست وإن كانت لدواء كتبت فبينما هو يصلي ذات يوم إذا شجرة نابتة بين يديه فقال ما اسمك فقالت الخرنوب قال لأي شيء أنت قالت لخراب أهل هذا البيت قال اللهم عم على الجن موتي حتى يعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب فنحتها عصا فتوكأ عليها حولا لا يعلمون فسقطت فعلمت الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب فنظروا مقدار ذلك فوجدوه سنة فشكرت الجن للأرضة.
قال قتادة وفي مصحف عبد الله بن مسعود {تبينت الإنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} ومن قرأ {تبينت الجن} أراد تبينت الإنس الجن.
17- وقوله جل وعز {لقد كان لسبأ في مسكنهم} آية جنتان عن يمين وشمال آية 15 يروى أن سبأ اسم رجل فيكون على هذا اسما للقبيلة فيمن لم يصرف وقيل هو اسم موضع.
ثم قال تعالى {جنتان عن يمين وشمال} أي جنة عن اليمين وجنة عن اليسار.
18- وقوله جل وعز {بلدة طيبة ورب غفور} والمعنى هذه بلدة طيبة والله رب غفور.
19- ثم قال جل وعز {فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم} أي فأعرضوا عن أمر الله جل وعز وشكره فأرسلنا عليهم سيل العرم قال عطاء العرم اسم الوادي وقيل هو الجرذ الذي أرسل عليهم روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس العرم الشديد وقيل هو المطر العرم أي الشديد وقال قتادة أرسل الله عليهم جرذا فهدم عرمهم يريد بالعرم السكر قال فغرق جناتهم وخرب أرضهم عقوبة لهم وهذا أعرف ما قيل في معنى العرم يقال للسكر عرمة وجمعه عرم سمي بذلك لشدته ومنه قيل فلان عارم قال الشاعر إذ يبنون من دون سيله العرما.
20- وقوله جل وعز {وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط} آية 16 الأكل الثمر قال أبو مالك ومجاهد وقتادة والضحاك الخمط الأراك وكذا قال الخليل قال أبو عبيدة الخمط كل شجرة فيها مرارة ذات شوك وقال القتبي في أدب الكاتب يقال للحامضة خمطة ويقال الخمطة التي أخذت شيئا من الريح وأنشد:
عقار كماء النئ ليست بخمطة ** ولا خلة يكوي الشروب شهابها

21- وقوله جل وعز {ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور} آية 17 قال طاووس هو المناقشة في الحساب من نوقش عذب قال أبو جعفر ويبين لك صحة هذا ما رواه أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «من حوسب عذب» قالت قلت فإن الله يقول {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا} فقال «إنما ذاك العرض ولكن من نوقش الحساب عذب».
قال أبو جعفر المعنى أن المؤمن يكفر عنه سيئاته والكافر يحبط عمله ويجازى كما قال جل وعز {أضل أعمالهم}.
22- وقوله جل وعز {وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة} آية 18 قال الحسن بين اليمن والشام قال القرى التي باركنا فيها الشام قال قتادة قرى ظاهرة على الطريق متصلة وقال مجاهد يردون كل يوم على ماء.
23- ثم قال جل وعز {وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين} آية 18 قال قتادة يغدون ويقيلون في قرية ويروحون ويبيتون في قرية يسيرون غير خائفين ولا جياع ولا ظماء وإن كانت المرأة لتمر وعلى رأسها مكتلها فلا ترجع إلا وهو ملآن ثمرا من غير اجتناء قال فبطروا النعمة فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا.
24- قال الله جل وعز {وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث} آية 19 وقرأ عبد الله بن عباس وابن الحنفية {ربنا باعد بين أسفارنا } قال ابن عباس شكوا ربهم جل وعز.
وقرأ يحيى بن يعمر وعيسى {ربنا بعد بين أسفارنا} وقرأ سعيد بن أبي الحسن أخو الحسين {ربنا بعد بين أسفارنا}.
والقراءة الأولى أبين وأهل التفسير يقولون بطروا النعمة وأخبر الله جل وعز أنه عاقبهم على ذلك إلا أنه يجوز أن يكونوا قالوا هذا بعدما باعد الله جل وعز بين أسفارهم أو يكونوا لبطرهم إلا استبعدوا القريب وكانت العرب تضرب بهم المثل فتقول تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ أي مذاهب سبأ وطرقها.
25- وقوله جل وعز {ولقد صدق عليهم إبليس ظنه} آية 20 وهي قراءة الهجهاج ويجوز ولقد صدق عليهم إبليس ظنه في ظنه روى عن ابن عباس أنه قال قال إبليس خلقت من نار وخلق آدم صلى الله عليه من طين ضعيفا لأحتنكن ذريته إلا قليلا ويروى أنه قال قد أعويت فيه آدم على موضعه وعلمه فأنا على ولده أقدر فصدق ظنه ويبين هذا قوله تعالى {ثم لآتينهم من بين آيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين} وقوله جل وعز {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} فإنما قال هذا ظنا فصدق ظنه ومن قرأ {صدق } صير الظن مفعولا ومن رفع الظن ونصب إبليس أراد ولقد صدق ظن إبليس حين اتبعوه.
26- وقوله جل وعز {وما كان له عليهم من سلطان} آية 21 أي من حجة إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة أي ما امتحناهم به إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة علم شهادة فأما علم الغيب فالله جل وعز عالم به قبل أن يكون.
27- وقوله جل وعز {وما له منهم من ظهير} آية 22 قال أبو عبيدة من ظهير أي من معين.
28- وقوله جل وعز {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} آية 23 يجوز أن يكون المعنى إلا لمن أذن له أن يشفع وأن يكون للمشفوع والأول أبين لقوله تعالى {حتى إذا فزع عن قلوبهم} وقرأ ابن عباس {حتى إذا فزع عن قلوبهم} أي فزع الله عز وجل عن قلوبهم يقال فزعته أزلت عنه الفزع والمعروف من قراءة الحسن {حتى إذا فرغ عن قلوبهم أي فرغ} منها الفزع قال عكرمة سمعت أبا هريرة يقول إن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لله جل وعز فيسمع كالسلسلة على الصفوان فيقولون ماذا قال ربكم فيقال للذي قال الحق وهو العلي الكبير» وذكر وذكر الحديث وقال عبد الله بن مسعود تسمع الملائكة في السماء للوحي صوتا كصوت الفولاذ على الصفا فيخرون على جباههم فإذا جلي عنهم قالوا للرسل ماذا قال ربكم فيقولون الحق الحق وقال قتادة لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم فنزل الوحي خرت الملائكة سجدا حتى إذا فزع عن قلوبهم أي جلي قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق.
29- وقوله جل وعز {وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} آية 24 المعنى وإنا لعلى هدى أو في ضلال مبين أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ثم حذف وهذا على حسن المخاطبة والتقرير أي قد ظهرت البراهين وتبين الحق كما يقال قد علمت أينا الكاذب قال قتادة ثم يفتح بيننا أي يقضي بيننا.
30- وقوله جل وعز {وما أرسلناك إلا كافة للناس} آية 28 قال مجاهد أي إلى الناس جميعا وقال النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى كل أحمر وأسود.
31- وقوله جل وعز {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه} آية 31 قال أبو إسحق يعني الكتب المتقدمة وهم كفار العرب.
32- وقوله جل وعز {بل مكر الليل والنهار} آية 33 روى معمر عن قتادة أي بل مكركم بالليل والنهار وقرأ سعيد بن جبير {بل مكر الليل والنهار } من الكرور وقرأ راشد وهو الذي كان ينظر في المصاحف وقت الحجاج {بل مكر الليل والنهار} والمعنى وقت مكر الليل والنهار.
33- وقوله جل وعز {إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون} آية 34 أي رؤساها صلى ومتكبروها وقال وقادتها.
34- وقوله جل وعز {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى} المعنى وما أموالكم بالتي تقربكم ولا أولادكم بالذين يقربونكم ثم حذف.
35- وقوله جل وعز {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا} أي جزاء الضعف الذي أعلمناكموه أنه وهو قوله تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}.
36- وقوله جل وعز {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} روى المنهال عن سعيد بن جبير قال في غير سرف ولا تقتير أي فالله جل وعز يخلفه بالثواب.
37- وقوله جل وعز {وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير} آية 44 أي لم يكونوا أهل كتاب ولم يبعث إليهم نبي قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
38- ثم قال جل وعز {وكذب الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم} آية 45 قال قتادة أي كذب الذين قبل هؤلاء وما بلغ هؤلاء معشار ما أوتي أولئك كانوا أجلد وأقوى وقد أهلكوا قال أبو جعفر معشار بمعنى عشر ونظير هذه الآية قوله تعالى {ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه}.
39- وقوله جل وعز {قل إنما إعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى} آية 46 قال قتادة أي واحدة أعظكم بها أن تقوموا لله وهذا وعظهم والمعنى على قول قتادة إنما أعظكم بخصلة واحدة ثم بينها فقال أن تقوموا لله مثنى وفرادى.
وقال مجاهد بواحدة بطاعة الله جل وعز وقيل بتوحيده والمعنى على هذا لأن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة أي يقوم أحدكم وحده ويشاور غيره فيقول هل علمت أن هذا الرجل كذب قط أو سحر أو كهن أو شعر ثم تتفكروا بعد ذلك فإنه يعلم أن ما جاء به من عند الله جل وعز ويقال إن من تحير في أمر ثم شاور فيه ثم فكر بعد ذلك تبين له الحق واعتبر.
40- وقوله جل وعز {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم} أي ما سألتكم من أجر على تأدية الرسالة ودعائكم إلى القبول فهو لكم.
41- وقوله جل وعز {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب} يقذف بالحق أي يأتي به قال قتادة بالحق أي بالقرآن.
42- وقوله جل وعز {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} آية 49 أي وأي شيء يبدئ الباطل ويجوز أن تكون ما نافية.
قال قتادة الباطل الشيطان ما يخلق أحدا ولا يبعثه.
43- وقوله جل وعز {ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت} آية 51 قال الضحاك هذا في الدنيا قال سعيد بن جبير يخسف بهم بالبيداء فلا يسلم منهم إلا رجل واحد يخبر الناس بخبر أصحابه قال قتادة هذا في الدنيا إذا رأوا بأس الله جل وعز وقال الحسن هذا إذا خرجوا من قبورهم.
قال أبو جعفر هذه الآية مشكلة والمعنى على القول الأول إذا فزعوا في الدنيا حين نزل بهم الموت أو غيره من بأس الله كما قال جل وعز {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} والمعنى على قول الحسن إذا فزعوا حين خروجهم من قبورهم فلا فوت يصلون إليه ولا ملجأ ولا مهرب كما قال قتادة ولات حين مناص.
44- وقوله جل وعز {وأخذوا من مكان قريب} أي قريب على الله جل وعز أي لأنهم حيث كانوا فهم من الله قريب لا يبعدون عنه وقيل ولو ترى الكفار إذ فزعوا يوم القيامة من مكان قريب.
أي من جهنم فأخذوا فقذفوا فيها.
45- وقوله جل وعز {وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد} آية 52 قال مجاهد وقالوا آمنا به أي بالله جل وعز وقال قتادة أي بمحمد صلى الله عليه وسلم {وأني لهم التناوش من مكان بعيد} آية 52 قال الحسن وأبو مالك أي التوبة.
قال مجاهد التناوش التناول قال قتادة التناوش تناول التوبة قال أبو جعفر هذا أبينها يقال ناش ينوش إذا تناول وأنشد النحويون فهي تنوش الحوض نوشا من علا ويقال تناوش القوم إذا تناول بعضهم بعضا ولم يقربوا كل القرب والمعنى ومن أين لهم تناول التوبة من مكان بعيد أي يبعد منه تقبل التوبة.
وقرأ الكوفيون {التناؤش } بالهمز وأنكره بعض أهل اللغة قال لأن النأش وهو البعد فكيف يكون وأنى لهم البعد من مكان بعيد قال أبو جعفر وهو يجوز أن تهمز الواو لانضمامها ويكون بمعنى الأول وروى أبو إسحق عن التميمي عن ابن عباس وأنى لهم التناوش قال الرد سألوه وليس بحين رد قال مجاهد من مكان بعيد ما بين الآخرة والدنيا قال أبو جعفر هذا يرجع إلى الأول.
46- ثم قال جل وعز {وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد} آية 53 أي قد كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا حين لا ينفعهم إيمانهم ويقذفون بالغيب قال قتادة أي بالظن قال يقولون لا بعث ولا جنة ولا نار قال مجاهد ويقذفون بالغيب من مكان بعيد قولهم هو ساحر وهو كاهن وهو شاعر.
47- ثم قال جل وعز {صلى الله عليه وسلم وحيل بينهم وبين ما يشتهون} آية 54 قال الحسن وحيل بينهم وبين الإيمان لما رأوا العذاب يعني قبول الإيمان قال مجاهد حيل بينهم وبين زهرة الدنيا ولذتها وأموالهم وأولادهم كما فعل بأشياعهم من قبل قال مجاهد أي بالكفار قبلهم إنهم كانوا في شك مريب فأخبر جل وعز أنه يعذب على الشك انتهت سورة سبأ. اهـ.